المعجزة لم تتحقق.. انتظرناها أن تحررنا من تشاؤمنا، من خوفنا، من قلقنا، من تذمرنا، من يأسنا من سعدان، وصدقنا في لحظة أمل عنيد، في لحظة تشبثنا بقشة، في لحظة ضربنا عرض الحائط بكل ما هو منطقي، وما يمت إلى العقل بصلة، أنها ستظهر كقوة سحرية، كقوة منقذة ومثيرة لفرح مجنون، لكنها لم تطل كما تطل الشمس ولو في يوم غائم، لم تشرق، ولم تنبلج.. وهكذا لم يفرح العرب.. ولم يصدح المحللون، ولم يخرج الجزائريون إلى الشوارع.. ظلت الرايات صامتة، والوجوه مسمرة، والأصوات خافتة في أعماقنا من شدة القنوط... ذلك الفرح الذي ظل لشهور يعدنا بالانبلاج من جديد، لم ينبجس، ولم يتفتق... شيء كالمرارة هو الذي انتصر وساد، وشيء كالحماقة هو الذي حرمنا من أن نكرر فرحة عام 1982، يوم انتصرنا باستحقاق على عملاق اسمه ألمانيا.. كان أملنا فسيحا وعريضا كما السماء أن نعود من قلب النفق ونحن نحمل نار الانتصار، لكن ذلك لم ينجز.. لم تعد النار، ولم نتخلص من ظلمة النفق... لم ننتصر على سلوفينيا.. لم نتعادل مع سلوفينيا... بل خسرنا.. بل انهزمنا.. انتصر الحزن على الفرح.. وانتصر الصمت على الصخب المجنون.. أكتب هذه السطور، ولم يتبق من عمر المقابلة سوى دقائق معدودات.. أجلس إلى مكتبي.. يتناهى إلي صوت دراجي، وتأوهات وحسرات زميلاتي وزملائي الذين تسمروا أمام شاشة التلفزيون... وفي لحظة الحزن تفرغ الروح من شعلة الغضب.. ويفرغ القلب من كل شحنة صاخبة.. لا أريد أن أزعق في وجه سعدان.. ولا أريد أن أصب جام غضبي على غزال الذي لم يجلب لنا سوى القنوط والشؤم.. ولا أريد أن أعيد اسطوانة العتاب واللوم.. فالوقت فات.. ولم يعد الكلام يجدي.. ولم يعد النقد ذا معنى... فالمدرب سعدان ركب رأسه منذ لحظة الانتصار على مصر في السودان.. ولم يعد قادرا على الإصغاء للأصوات الحقيقية و الأصوات المنبهة والمحذرة.. لم يعد يصغي إلا لصوته... والنتيجة، ها هي أمامنا، عارية، قاسية، حادة ومؤلمة... وما بقي لنا إلا القبول بما سيحدث للفريق الوطني في المقابلتين القادمتين.. كنا نادينا بكل ما أوتينا من قوة صدق وحب للفريق الوطني أن نفتح أعيننا حتى لا نسقط في أول حفرة... وها نحن سقطنا في أول حفرة.. وأضعنا كل ذلك الفرح المؤجل الذي كان ينتظر لحظته ليتجلى.. ويتدفق كالشلال من كل القلوب الإفريقية والعربية والمسلمة والجزائرية... إذن لنصمت قليلا، ونتأمل جيدا لحظتنا الحزينة فربما تكون لنا زادا جميلا على حفر طريقنا المنتظر طريقنا القادم من جديد حفرا حقيقيا يقودنا بعين فاحصة إلى عيوبنا، ونقاط ضعفنا وإلى ما يمكن استجلابه من مغاورنا المجهولة من ماء لذيذ، ماء غير معكر، ماء فيه صفاء وعذوبة...
لم تتحقق المعجزة لم ينتصر الغيب، ولم يقترب الحلم منا... ظل بعيدا.. ظل خادعا كالسراب.. انتصرت الأنانية وانتصرت الحماقة، فشكرا شكرا سعدان لأنك نجحت أن تملأ قلوبنا كدرا وحزنا وأسى... شكرا على الكدر، شكرا على الحزن وشكرا على الأسى...
* نقلاً عن "الجزائر نيوز"
لم تتحقق المعجزة لم ينتصر الغيب، ولم يقترب الحلم منا... ظل بعيدا.. ظل خادعا كالسراب.. انتصرت الأنانية وانتصرت الحماقة، فشكرا شكرا سعدان لأنك نجحت أن تملأ قلوبنا كدرا وحزنا وأسى... شكرا على الكدر، شكرا على الحزن وشكرا على الأسى...
* نقلاً عن "الجزائر نيوز"